دعونا نكون صرحاء !
ليست هناك علاقة بريئة، كلها علاقات محرمة، إننا يا قوم عبيد، يحكمنا دين يقوم على أمر ونهي، وليس الحاكم في ذلك العادات والتقاليد، أو الهوى والشهوات..
فتجب التوبة قبل دخول رمضان من كل علاقة آثمة حتى يطهر القلب..
حتى قلبك يحتاج إلى توبة
توبة من الخواطر، وأحلام اليقظة التي يستمتع بها بعض الناس.أخي الحبيب:
لا يقتلك الوهم، عش الحقيقة وإياك من الخواطر الرديئة، اجعل خواطرك تحت السيطرة، لا تدعها تخرج من تحت يدك، إنك إذا تركت الخواطر ترعى في قلبك وعقلك بغير ضابط ولا رابط؛ فستعيش الوهم وتصدقه..
كم من الناس قتلهم وهم (المشيخة)، وهم ليسوا على شيء؟ وآخرون قتلهم وهم طلب العلم وعاشوا أحلام اليقظة في ثياب فضفاضة ليست من ثيابهم.
أخي الحبيب.. قبل رمضان عش الحقيقة، وانس الوهم، وتب إلى الله، واستعن بالانشغال بالأعمال على الخروج من الأوهام..
يحتاج قلبك أيضا أن يتوب من التعلق بغير الله:قال سبحانه: {
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا = كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 81، 82]
فإياك أخي الحبيب والتعلق بغير الله، الكل سيخذلك ويتخلى عنك إلا الله العظيم، فلا تنشغل بالآخرين، واجعل انشغالك بمن ينفعك انشغالك به، تب من التعلق بالأسباب والتعلق بغير الله.
قل لقلبك أيضاً:
تب من الأماني والتسويف وطول الأمل:
إخوتي في الله: أحذركم من السين وسوف، قال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، وإن قوماً غرتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، قالوا: (نحسن الظن بالله) وكذبوا؛ لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.
قل لقلبك أيضاً:
تب من العجب والكبر والغرور ورؤية النفس:
أمراض تقتل الإيمان وتذهب بالعبد إلى الجحيم، فالمعجب محبط عمله، والمتكبر لا يدخل الجنة، والغرور قتال، ورؤية النفس تجعلك تختال..
فاحذر يا مسكين؛ فإنك لا تدري بم يُختم لك، تب من ذلك كله وانكسر واخضع وذل لربك، لعل أحد هؤلاء الذين تزدريهم قد سبقك إلى الجنة بمراحل، ولله في خلقه شؤون، فاحذر..
عجل بالتوبة، ومن تواضع لله رفعه.
تب من الكسل
ونحن على أبواب رمضان، والكل يعرف فضائل رمضان، ولكن ماذا أفاد هذا العلم؟
أين العمل؟!
إن الكسلان يقينه ضعيف في الوعد والوعيد، تأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة" [الترمذي وصححه الألباني]، أنا قلت الآن: سبحان الله العظيم وبحمده، ونظرت في الساعة فإذا هي ثانية واحدة، لو ثبت يقينك في هذا الوعد أنك تكتسب بالثانية الواحدة نخلة في الجنة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من نخلة في الجنة إلا وساقها من ذهب" [الترمذي وصححه الألباني]، فوزن ساق النخلة من ذهب مئات (الكيلوغرامات)، هذا ثمن كل ثانية من عمرك، وأنت تضيعه (شذر مذر).. لا تبالي ولا تذر، وإنما أتيت من ضعف يقينك، لو ثبت يقينك في هذا الوعد، ما ضيعت لحظة من عمرك، وما ركنت إلى الكسل وترك العمل.. اعمل يا كسلان.
وبعض الناس يريد التفلت من الدين لكن بدين!
فهو يبحث كسلاً عن الرخص، ويتخذ الخلاف بين العلماء مسوغات للهروب، فكل المسائل عنده فيها خلاف بين العلماء، وهو يرجح فيها بهواه، ويختار ما يوافق شهوته، ويظن أنه على شيء، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ = اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: 18، 19]
تب أخي الحبيب من هذا الترخص المهين، واستعن بالله على الأخذ بالعزائم، والعمل الجاد المثمر، والله المستعان.
وقد جعلت التوبة من الكسل آخر هذه العناصر؛ حتى لا نكسل في التوبة، فلنسارع الآن.. حالاً..
ونتب إلى الله..
هذه التوبة لازمة.. ليست استعداداً لرمضان فحسب؛ فلعلنا لا ندرك رمضان، ولكنها لازمة استعداداً للموت، فقد تموت الآن في هذه اللحظة؛
إذاً فتب ولا تسوف اللهم ارزقنا قبل رمضان توبة، وقبل الموت توبة
واللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين